الحرية الحقيقية هي التي تحترم إنسانية الإنسان,وتجعله
يرقى إلى حيث أراده خالقه عبدا لله سبحانه دون سواه ,لا عبدا لأصنام الدنيا
المتعددة… والحر هو صاحب إرادة قوية وهو الذي يحول حلمه إلى حقيقة
بإنجازاته وإبداعاته…
أما الدولة الحرة فأبناؤها أحرار والدولة الحقيرة أبناؤها
كذلك. لكن هل من يذوب في الآخر,ويفقد كيانه ويتجرد مما يميزه هو حر؟, خاصة
إذا تعلق الأمر بشباب نسي من يكون وانسلخ عن كل مُقوماته واستجاب لكل ناعق
غريب بل وأصبح “كركوزة” في يد المفسدين المغرضين الناقمين ؟؟؟ وهل من تحبسه
مباراة في كرة القدم على أولوياته وشغله دوما ومرارا,أو يعقله مسلسل
تلفزيوني على كل واجب في وقته,أو تغله وتسلسله عادات وتقاليد غابرة لا تخدم
دينا ولا وطن و لا تقدم إلى ما يفيد وينفع,هل هذا حر؟ وهل الدولة المهزوزة
التي تقتات على الفتات وعلى كل ما تتفضل به عليها دول أخرى , والتي هي
عالة عليها ولا تستطيع توفير الغذاء لأبنائها وبناتها حرة ؟؟؟ فمن لا يأكل
بفأسه لا يفكر برأسه ؟؟؟ هل الدولة التي تستورد جل حاجاتها,ولا تهتم بالبحث
العلمي وكل ما من شأنه أن يرفع قدرها بين الأمم حرة؟؟؟ هل من يلهث وراء كل
موضة ويقلد تقليد الأعمى كل ما عند الآخر,بل يدخل كل الجحور التي دخلها
الضب متغافلا عن كل ضيق ونتن فيه, ولا يفتخر ويعتز بما عنده على نبله
وقدره,وإن فعل فإدعاءً فقط لا حقيقة عملية له,فهل هذا حر؟ وهل كل من طغت
مصلحته الشخصية وتغولت ويضرب عرض الحائط كل مصلحة عامة تعود بالنفع العميم
على الوطن والمجتمع بأسره حر؟
لا شك أن هذه النماذج من الناس وغيرها كثير مقيدة قيودا
ومسلسلة بسلاسل وأغلال أقوى من الفولاذ لا يعلم وطئتها وثقلها على صدور
المسجونين بها إلا الله ,وقد يدَّعون ويتبجحون بأنهم أحرار ,أما الحقيقة
فهم المحبوسون المسجونون بأفكارهم, وأحوالهم وتصرفاتهم بل وتصرفات غيرهم
كذلك؟؟؟ أيها الإنسان العاقل الذي خلقه الله تعالى حرا وكرمه وجعل له
إرادة,هل أنت فعلا حر؟ إذا كنت تلبس ما لا تريد؟ وتأكل ما لا تريد؟ وتتكلم
بما لا تريد؟ وتشتري ما لا تريد؟ ولا تعيش كيفما تريد؟ و…و…و… إذا كنت كذلك
هل أنت تريد؟ هل أنت حر, سأترك الإجابة لك.. ونحيطك علما أن البلبل إذا
جرد من حريته وسلبها لا يحلو له عيش ولا ينعم بحياة بل يضرب عن الطعام حتى
ينال حريته أو يموت…